الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء (نسخة منقحة)
.صدقة السامري: هو صدقة بن منجا بن صدقة السامري، من الأكابر في صناعة الطب، والمتميزين من أهلها، والأماثل من أربابها، كان كثير الاشتغال محبًا للنظر والبحث، وافر العلم، جيد الفهم، قويًّا في الفلسفة، حسن الدراية لها، متقنًا لغوامضها، وكان يدرس صناعة الطب وينظم متوسطاً، وربما ضمنه ملحًا من الحكمة، وأكثر ما كان يقوله دوبيت، وله تصانيف في الحكمة وفي الطب، وخدم الملك الأشرف موسى ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وبقي معه سنين كثيرة في الشرق إلى أن توفي في الخدمة، وكان الملك الأشرف يحترمه غاية الاحترام ويكرمه كل الإكرام، ويعتمد عليه في صناعة الطب، وله منه الجامكية الوافرة والصلات المتواترة، وتوفي صدقة بمدينة حران في سنة نيف وعشرين وستمائة، خلف مالًا جزيلاً، ولم يكن له ولد.ومن كلامه مما نقلته من خطه قال الصوم منع البدن من الغذاء، وكف الحواس عن الخطاء، والجوارح عن الآثام، وهو كف الجميع عما يلهي عن ذكر اللّه، وقال اعلم أن جميع الطاعات ترى إلا الصوم لا يراه إلا اللّه فإنه عمل في الباطن بالصبر المجرد، وللصوم ثلاث درجات صوم العموم، وهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة؛ وصوم الخصوص وهو كف السمع والبصر واللسان وسائر الجوارح عن الآثام؛ وأما صوم خصوص الخصوص فصوم القلب عن الهمم الدنية والأفكار الدنياوية، وكفه عما سوى اللّه تعالى.وقال ما كان من الرطوبات الخارجة من الباطن ليس مستحيلاً، وليس له مقر فهو طاهر كالدمع والعرق واللعاب والمخاط، وأما ما له مقر وهو مستحيل فهو نجس، كالبول والروث.قال اعلم أن الوزير مشتق اسمه من حمل الوزر عمن خدمه، وحمل الوزر لا يكون إلا بسلامة من الوزير في خلقته وخلائقه، أما في خلقته فأن يكون تام الصورة، حسن الهيئة، متناسب الأعضاء، صحيح الحواس؛ وأما في خلائقه فهو أن يكون بعيد الهمة، سامي الرأي، ذكي الذهن، جيد الحدس، صادق الفراسة، رحب الصدر، كامل المروءة، عارفًا بموارد الأمور ومصادرها، فإذا كان كذلك كان أفضل عدد المملكة لأنه يصون الملك عن التبذل، ويرفعه عن الدناءة، ويغوص له على الفرصة، ومنزلته منزلة الآلة التي يتوصل بها إلى نيل البغية، ومنزلة السور الذي يحرز المدينة من دخول الآفة، ومنزلة الجارح الذي يصيد لطعمه صاحبه، وليس كل أحد يصلح لهذه المنزلة يصلح لكل سلطان ما لم يكن معروفًا بالإخلاص لمن خدمه، والمحبة لمن استخصه، والإيثار لمن قربه.وقال صبر العفيف ظريف ومن شعره قال:وقال أيضًا: وقال يهجو: وقال أيضًا: وقال أيضًا: وقال أيضًا: وقال أيضًا: ولصدقة السامري من الكتب شرح التوراة، كتاب النفس، تعاليق في الطب ذكر فيها الأمراض وعلاماتها، شرح كتاب الفصول لأبقراط لم يتم، مقالة في أسامي الأدوية المفردة، مقالة أجاب فيها عن مسائل طبية سأله عنها الأسعد المحلي اليهودي، مقالة في التوحيد وسمها كتاب الكنز في الفوز، كتاب الاعتقاد. .مهذب الدين يوسف بن أبي سعيد: هو الشيخ الإمام العالم الصاحب الوزيرمهذب الدين يوسف بن أبي سعيد بن خلف السامري، قد أتقن الصناعة الطبية، وتميز في العلوم الحكمية، واشتغل بعلم الأدب، وبلغ في الفضائل أعلى الرتب، وكان كثير الإحسان، غزير الامتنان، فاضل النفس، صائب الحس، وقرأ صناعة الطب على الحكيم إبراهيم السامري المعروف بشمس الحكماء، وكان هذا شمس الحكماء في خدمة الملك الناصر صلاح الدين يوسف، وقرأ أيضًا على الشيخ إسماعيل بن أبي الوقار الطبيب، وقرأ على مهذب الدين بن النقاش، وقرأ الأدب على تاج الدين النكدي أبي اليمن، وتميز في صناعة الطب، واشتهر بحسن العلاج والمداواة.ومن حسن معالجاته أنه كانت ست الشام أخت الملك العادل أبي بكر بن أيوب قد عرض لها دوسنطاريا كبدية وترمي كل يوم دمًا كثيراً، والأطباء يعالجونها بالأدوية المشهورة لهذا المرض من الأشربة وغيرها، فلما حضرها وجس نبضها قال للجماعة يا قوم ما دامت القوة قوية، أعطوها الكافور ليصلح كيفية هذا الخلط الحاد الذي فعل هذا الفعل، وأمر بإحضار كافور قيصوري وسقاها مع حليب بزر بقلة محمصة، وشراب رمان وصندل فتقاصر عنها الدم وحرارة الكبد التي كانت، وسقاها أيضًا منه ثاني يوم فقل أكثر، ولاطفها بعد ذلك إلى أن تكامل برؤها وصلحت، وحدثني بعض جماعة الصاحب بن شكر وزير الملك العادل قال كان قد عرض للصاحب ألم في ظهره عن برد فأتى إليه الأطباء فوصف بعضهم مع إصلاح الأغذية بغلي يسير جندبيدستر مع زيت ويدهن به، وقال آخر دهن بابونج ومصطكى، فقال المصلحة أن يكون عوض هذه الأشياء شيء ينفع مع طيب رائحة، فأعجب الصاحب قوله، وأمر مهذب الدين يوسف بإحضار غالية ودهن بان، فحل ذلك على النار، ودهن به الموضع فانتفع به، وخدم مهذب الدين يوسف بصناعة الطب لعز الدين فرخشاه بن شاهيان شاه بن أيوب، ولما توفي عز الدين فرخشاه رحمه اللّه، وذلك في جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، خدم بعده لولده الملك الأمجد مجد الدين بهرام شاه بن عز الدين فرخشاه بصناعة الطب، وأقام عنده ببعلبك، وحظي في أيامه، ونال من جهته من الأموال والنعم شيئًا كثيراً، وكان يستشيره في أموره ويعتمد عليه في أحواله، وكان الشيخ مهذب الدين حسن الرأي وافر العلم جيد الفطرة، فكان يستصوب آراءه ويشكر مقاصده، ثم استوزره واشتغل بالوزارة وارتفع أمره، وارتقت منزلته عنده حتى صار هو المدبر لجميع الدولة والأحوال بأسرها لا تعدل عن أمره ونهيه، ولذلك قال فيه الشيخ شهاب الدين فتيان:أنشدني هذين البيتين شمس الدين محمد بن شهاب الدين فتيان قال أنشد فيهما والدي لنفسه، أقول ولم تزل أحوال الشيخ مهذب الدين على سننها وعلو منزلته على كيانها، حتى كثرت الشكاوى من أهله وأقاربه السمرة، فإنه كان قد جاءه إلى بعلبك جماعة منهم من دمشق، واستخدمهم في جميع الجهات، وكثر منهم العسف وأكل الأموال والفساد، وكان له الجاه العريض بالوزير مهذب الدين السامري فلا يقدر أحد أن يقاومهم بالجملة، فإن الملك الأمجد لما تحقق أن الأموال قد أكلوها وكثر فسادهم، ولامته الملوك في تسليم دولته للسمرة قبض على المهذب السامري، وعلى جميع السمرة المستخدمين واستقصى منهم أموالًا عظيمة، وبقي الوزير معتقلا عنده مدة إلى أن لم يبق له شيء يعتد به، ثم أطلقه وجاء إلى دمشق ورأيته في داره، ولما جاء من بعلبك وكنت مع أبي لنسلم عليه فوجدته شيخًا حسنًا فصيح الكلام لطيف المعاني، ومات بعد ذلك وكانت وفاته يوم الخميس مستهل صفر سنة أربع وعشرين وستمائة بدمشق.ومن شعر مهذب الدين يوسف: ولمهذب الدين يوسف بن أبي سعيد من الكتب شرح التوراة. .الصاحب أمين الدولة: هو الصاحب الوزير العالم العامل، الرئيس الكامل، أفضل الوزراء، سيد الحكماء، إمام العلماء، أمين الدولة أبو الحسن بن غزال بن أبي سعيد، كان سامريًّا وأسلم، ولقب بكمال الدين، وكان مهذب الدين السامري عمه، وكان أمين الدولة هذا له الذكاء الذي لا مزيد عليه، والعلم الذي لا يصل إليه، والإنعام العام، والإحسان التام، والهمم العالية، والآلاء المتوالية، وقد بلغ من الصناعة غاياتها، وانتهى إلى نهاياتها، واشتمل على محصولها، وأتقن معرفة أصولها وفصولها، حتى قل عنه المماثل وقصر عن إدراك معاليه كل فاضل وكامل، كان أولا عند الملك الأمجد مجد الدين بهرام شاه بن عز الدين فرخشاه بن أيوب، معتمدًا عليه في الصناعة الطبية وأعمالها، مفوضًا إليه أمور دولته وأحوالها، ولم يزل عنده إلى أن توفي الملك الأمجد رحمه اللّه، وذلك في داره بدمشق آخر نهار يوم الثلاثاء حادي عشر شهر شوال سنة ثمان وعشرين وستمائة.وبعد ذلك استقل بالوزارة للملك الصالح عماد الدين أبي الفداء إسماعيل ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، فساس الدولة أحسن السياسة، وبلغ في تدبر المملكة نهاية الرياسة، وثبت قواعد الملك وأيدها ورفع مباني المعالي وشيدها، وجدد معالم العلم والعلماء، وأوجد من الفضل ما لم يكن لأحد من القدماء، ولم يزل في خدمة الملك الصالح، وهو عالي القدر نافذ الأمر، مطاع الكلمة كثير العظمة إلى أن ملك دمشق الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل، وجعل نائبه بها الأمير معين الدين بن شيخ الشيوخ، وكان لما ملك دمشق أعطى الملك الصالح إسماعيل بعلبك ونقل إليها ثقله وأهله، وذلك في سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وكان أمين الدولة في مدة وزارته يحب جمع المال وحصل لصاحبه الملك الصالح إسماعيل أموالًا عظيمة جدًا من أهل دمشق وقبض على كثير من أملاكهم.وكان موافقه في ذلك قاضي القضاة بدمشق وهو رفيع الدين الجيلي والنواب، ولما بلغ نائب السلطنة بدمشق، وهو الأمير معين الدين بن شيخ الشيوخ والوزير جمال الدين ابن مطروح بدمشق وأكابر الدولة ما وصل إلى أمين الدولة من الأموال قصدوا أن يقبضوا عليه، ويستصفوا أمواله فعملوا له مكيدة، وهي أنهم استحضروه وعظموه، وقاموا له لما أتى، ولما استقر في المجلس قالوا له إن أردت أن تقيم بدمشق فابق كما أنت، وإن أردت أن تتوجه إلى صاحبك ببعلبك فافعل، فقال لا واللّه أروح إلى مخدومي وأكون عنده، ثم إنه خرج وجمع أمواله وذخائره وحواصله وجميع ما يملكه حتى الأثاث وحصر دوره وجمع الجميع على عدة بغال، وتوجه قاصدًا إلى بعلبك، ولما صار ظاهر دمشق قبض عليه وأخذ جميع ما كان معه، واحتيط على أملاكه واعتقل، وكان ذلك يوم الجمعة ثاني شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وستمائة، ثم سير إلى الديار المصرية تحت الحوطة، وأودع السجن في قلعة القاهرة مع جماعة أخر من أصحاب الملك الصالح إسماعيل، ولما كان بعد ذلك بزمان وتوفي الملك الصالح نجم الدين أيوب بمصر في سنة سبع وأربعين وستمائة، وجاء الملك الناصر يوسف بن محمد من حلب وملك دمشق، وذلك في يوم الأحد ثامن شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وستمائة صار معه الملك الصالح إسماعيل وملوك الشام، وتوجه إلى مصر ليأخذها فخرجت عساكر مصر، وكان ملك مصر يومئذ الملك المعز عز الدين أيبك التركماني، كان قد تملك بعد وفاة أستاذه الملك الصالح نجم الدين أيوب، والتقوا فكانت أول الكسرة على عسكر مصر، ثم عادوا وكسروا عسكر الشام، وقبض على الملك الصالح إسماعيل وجماعة كثيرة من الملوك والأمراء وحبسوا جميعهم في مصر، ثم أطلق بعضهم فيما بعد، وأما الملك الصالح إسماعيل فكان آخر العهد به وقيل إنه خنق بوتر.حدثني الأمير سيف الدين المشدّ علي بن عمر رحمه اللّه لما سمع الوزير أمين الدولة في قلعة القاهرة بأن ملوك الشام قد كسروا عسكر مصر، ووصل الخبر إليهم بذلك من بلبيس، قال أمين الدولة لصاحب الآمر في القلعة دعنا نخرج في القلعة حتى تطلع الملوك، وتبصر أيش تعمل معك من الخير فأطمعته نفسه، وأخرجهم وكانوا في ذلك الموضع في الحبس ثلاثة من أصحاب الملك الصالح إسماعيل وزيره أمين الدولة، وأستاذ داره ناصر الدين بن يغمور، وأمير كردي يقال له سيف الدين، فقال الكردي لهم يا قوم لا تستعجلوا مواضعكم، فإن كان الأمر صحيحًا فمصير أستاذنا يخرجنا ويعيدنا إلى ما كنا عليه ويحسن إلينا ونخلف، وإن كان الأمر غير صحيح فنكون في موضعنا لم نخرج منه فهو أسلم لنا فلم يقبلوا منه، وخرج الوزير وناصر الدين بن يغمور وبسطوا مواضع في القلعة وأمروا ونهوا، ولما صح الخبر بعكس ما أملوه أمر عز الدين التركماني لما طلع القلعة بقتل ناصر الدين بن يغمور فقتل، وأمر بشنق الوزير فشنقوه، وحكى لي من رآه لما شنق وأنه كان عليه قندورة عنابي خضراء، وسرموزة في رجليه، ولم ينظر مشنوقًا في رجليه سرموزة سواه، وأما رفيقهم الكردي فأطلقه وخلع عليه وأعطاه خيراً.أقول وأعجب ما أتى من الأحكام النجومية فيما يتعلق بهذا المعنى ما حكاه الأمير ناصر الدين زكري المعروف بابن عليمة وكان من جماعة الملك الصالح نجم الدين أيوب قال لما حبس الصاحب أمين الدولة أرسل إلى منجم في مصر له خبرة بالغة في علم النجوم وإصابات لا تكاد تخرم في أحكامها، وسأله ما يكون من حاله وهل يخلص من الحبس قال فلما وصلت الرسالة إليه أخذ ارتفاع الشمس للوقت، وحقق درجة الطالع والبيوت الاثني عشر ومركز الكواكب، ورسم ذلك كله في تخت الحساب وحكم بمقتضاه فقال يخلص هذا من الحبس ويخرج منه وهو فرحان مسرور، وتلحظه السعادة أن يبقى له أمر مطاع في الدولة بمصر، ويمتثل أمره ونهيه جماعة من الخلق، فلما وصل إليه الجواب بذلك فرح به، وعندما وصله مجيء الملوك وأن النصر لهم خرج وأيقن أن يبقى وزيرًا بمصر، وتم له ما ذكره المنجم من الخروج من الحبس والفرح والأمر والنهي وصار له أمر مطاع في ذلك اليوم، ولم يعلم أمين الدولة ما يجري عليه بعد ذلك، وإن اللهّّ عز وجل قد أنفذ ما جعله عليه مقدورًا وكان ذلك في الكتاب مسطوراً، وكان للصاحب أمين الدولة نفس فاضلة وهمة عالية في جمع الكتب وتحصيلها، واقتنى كتبًا كثيرة فاخرة في سائر العلوم، وكانت النساخ أبدًا يكتبون له حتى أنه أراد مرة نسخة من تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكر وهو بالخط الدقيق ثمانون مجلدًا فقال هذا الكتاب، الزمن يقصر أن يكتبه ناسخ واحد ففرقه على عشرة نساخ، كل واحد منهم ثمان مجلدات فكتبوه في نحو سنتين وصار الكتاب بكماله عنده وهذا من علو همته، ولما كان رحمه اللّه بدمشق، وهو في دست وزارته في أيام الملك الصالح إسماعيل، وكان أبي صديقه وبينهما مودة فقال له يومًا سديد الدين، بلغني أن ابنك قد صنف كتابًا في طبقات الأطباء ما سبق إليه، وجماعة الأطباء الذين يأتون إلي شاكرين منه، وهذا الكتاب جليل القدر، وقد اجتمع عندي في خزانتي أكثر من عشرين ألف مجلد ما فيها شيء من هذا الفن، وأشتهي منك أن تبعث إليه يكتب لي نسخة من هذا الكتاب، وكنت يومئذ بصرخد عند مالكها الأمير عز الدين أيبك المعظمي فامتثل أمره، ولما وصلني كتاب أبي أتيت إلى دمشق واستصحبت معي مسودات من الكتاب واستدعيت الشريف الناسخ وهو شمس الدين محمد الحسيني، وكان كثيرًا ينسخ لنا، وخطه منسوب في نهاية الجودة، وهو فاضل في العربية فأخليت له موضعًا عندنا، وكتب الكتاب في مدة يسيرة في تقطيع ربع البغدادي أربعة أجزاء، ولما تجلدت عملت قصيدة مديح في الصاحب أمين الدولة، وبعثت بالجميع إليه مع قاضي القضاة بدمشق رفيع الدين الجيلي، وهو من جملة المشايخ الذين اشتغلت عليهم فإني قرأت عليه شيئًا من كتاب الإشارات والتنبيهات لابن سينا، وكان بيني وبينه أنس كثير، ولما وقف أمين الدولة على ذلك أعجبه غاية الإعجاب، وفرح به كثيرًا وأرسل إلي مع القاضي المال الجزيل والخلع الفاخرة وتشكر وقال أشتهي منك أن كلما تصنفه من الكتب تعرفني به، وهذه نسخة القصيدة التي قلتها فيه، وذلك في أوائل سنة ثلاث وأربعين وستمائة:ونقلت من خط الشيخ موفق الدين هبة اللّه أبي القاسم بن عبد الوهاب بن محمد ابن علي الكاتب المعروف بابن النحاس، من أبيات كتبها إلى الصاحب أمين الدولة يطلب منه خطًا وعده به الملك الأمجد، وذلك في سنة سبع وعشرين وستمائة: وأنشدني شرف الدين إسماعيل بن عبد اللّه بن عمر الكاتب المعروف بابن قاضي اليمن لنفسه قصيدة كتبها إلى الصاحب أمين الدولة من جملتها: ومن شعر الصاحب أمين الدولة قال، وكتب به في كتاب إلى برهان الدين وزير الأمير عز الدين المعظمي تعزية لبرهان الدين في ولده الخطيب شرف الدين عمر: وللصاحب أمين الدولة من الكتب كتاب النهج الواضح في الطب، وهو من أجل كتاب صنف في الصناعة الطبية، وأجمع لقوانينها الكلية والجزئية، وهو ينقسم إلى كتب خمسة الكتاب الأول في ذكر الأمور الطبيعية والحالات الثلاث للأبدان وأجناس الأمراض، وعلائم الأمزجة المعتدلة والطبيعية والصحية للأعضاء الرئيسة وما يقرب منها، ولأمور غيرها شديدة النفع يصلح أن تذكر في هذا الموضع، ويتبعها بالنبض والبول والبراز والبحران الكتاب الثاني في الأدوية المفردة وقواها الكتاب الثالث في الأدوية المركبة ومنافعها الكتاب الرابع في تدبير الأصحاء وعلاج الأمراض الظاهرة وأسبابها وعلائمها، وما يحتاج إليه من عمل اليد فيها وفي أكثر المواضع ويذكر فيه أيضًا تدبير الزينة وتدبير السموم الكتاب الخامس في ذكر الأمراض الباطنة وأسبابها وعلائمها وعلاجها وما يحتاج إليه من عمل اليد.
|